17:04
طباعةمشاركة
  • כוורות בחרמון - אחיק דורצין - לאתר
    ليس كلّ شيء كالعسل

ليس كلّ شيء كالعسل

د. أحيك دورتشين

طباعةمشاركة

التربية المكثّفة لنحل العسل في المناحل تهدّد المنظومة البيئيّة في محميّة جبل الشيخ

يُعتبر عسل جبل الشيخ في بعض الثقافات ذا مزايا لتقوية القدرة الجنسيّة؛ ولذلك فهو يُباع بسعر مضاعف من العسل الذي يُنتج في أيّ مكان آخر. ونتيجة لذلك، توضع المناحل الكبيرة التي تضمّ حوالي 3 ملايين من عاملات نحل العسل في أنحاء جبل الشيخ. في منحلة واحدة، على سبيل المثال، تمّ إحصاء 48 خليّة نحل، وفي كلّ واحدة منها جُمع نحو 10 كغم من غبار لقاح الأزهار البرّيّة خلال موسم الإزهار. ولكن ليس جميع النحل يُنتج العسل. نحلة العسل هي كما يبدو الحشرة الأكثر شهرة وأكثر حشرة جرت حولها الأبحاث في العالم؛ وذلك في أعقاب أهمّيّتها الكبيرة لتلقيح المحاصيل الزراعيّة. ولكن بالإضافة إليها، ثمّة أنواع كثيرة أخرى من النحل البرّيّ الذي لا يُنتج العسل، حوالي 1000 منه في إسرائيل لوحدها، كما أنّ أهمّيّتها لتلقيح النباتات البرّيّة غالبًا أكبر من نحلة العسل. كان بإمكان كمّيّة غبار اللقاح التي تستغلّها كلّ منحلة في جبل الشيخ أن تكفي لإنتاج 5 ملايين من سلالات النحل البرّيّ بحجم متوسّط. بدلًا من ذلك، يستغلّ غبار اللقاح من قِبل عدد غير متناسب من نحل العسل في المناحل التجاريّة، وهكذا يتمّ إقصاء النحل البرّيّ جانبًا.

هذه حكاية نوع واحد من النحل، جرى تدجينه من قِبل الإنسان، أدّت تربيته التجاريّة الهائلة إلى إقصاء أنواع كثيرة أخرى تعتبر ذات أهمّيّة كبيرة جدًّا في الحفاظ على المنظومة البيئيّة.

كلّ نحل العسل الموجود في إسرائيل اليوم ينتمي إلى أجناس زراعيّة مستوردة يربّيها الإنسان. ومثلها مثل الحيوانات الداجنة الأخرى فإنّه ليس بوسعها البقاء على قيد الحياة في الطبيعة من دون مساعدة الإنسان. أظهرت الكثير من الدراسات أنّ رعي نحل العسل، أي وضع خلايا النحل الاصطناعيّة في المناطق المفتوحة في الطبيعة، يمكن أن يكون له تأثير سلبيّ على مجموعات النحل البرّيّ، وذلك إثر الاستغلال المفرط للرحيق وغبار اللقاح الذي ينتج في الزهرة بكمّيّة محدودة. علاوة على ذلك، فإنّ مدى رعي الحافريّات، كالأبقار، الأغنام والماعز، أكبر من نحل العسل، بحيث إنّ بإمكانه أن يؤدّي إلى الاستيلاء السريع للنباتات الشوكيّة والنباتات التي تهوى النترات (النباتات التي يمكن أن تنمو في التربة الغنيّة بالنترات من روث البقر) المقاومة للرعي. بعبارات أخرى، يمكن أن يؤدّي الرعي غير المنضبط للأبقار ونحل العسل في المناطق المفتوحة إلى الحدّ من عدد الأزهار المتوفّرة للنحل البرّيّ، وبالتالي تقليص المناطق التي تعيش فيها أكثر فأكثر. المسّ بالنحل البرّيّ إلى جانب الملقّحات الطبيعيّة الأخرى مثل ذباب الزهور والفراش سيؤدّي إلى إلحاق الضرر بالأزهار البرّيّة، ويمكن أن يؤدّي إلى تدهور المنظومة البيئيّة برمّتها.

عادة ما تُستخدم المحميّات كملاذ أخير بالنسبة للكائنات الحيّة والنباتات البرّيّة. ولذلك، يجب أن يجري الرعي في المحميّة الطبيعيّة، إذا حصل أصلًا، بموازاة الحرص الشديد على مراعاة كلّ التنوّع البيولوجيّ الموجود في محميّة ما. ومن الأمثلة البارزة على ذلك محميّة جبل الشيخ. يمتاز جبل الشيخ بتركيبة فريدة من النباتات والملقّحات في إسرائيل والعالَم وهو يشكّل موطنًا لأصناف من الكائنات الحيّة والنباتات التي يُعتبر بعضها نادرًا، بسبب الظروف المناخيّة السائدة فيها وموقعها الجغرافيّ. لسوء الحظّ، فإنّ قيَم الطبيعة الفريدة هذه مهدّدة نتيجة للرعي المفرط لكلّ من للأبقار ونحل العسل.

العامل الرئيسيّ الذي يتيح الرعي هو موقع التزلّج المقام كجيب في قلب محميّة جبل الشيخ. تجري في جبل الشيخ أيضًا عمليّات رعي للأبقار بما في ذلك حظيرة أبقار ثابتة بالقرب من بركة مان، وبالوعة أرضيّة طبيعيّة (منطقة منخفضة تتجمّع فيها رواسب وتتميّز بفترة إزهار طويلة وغنيّة) والتي أصبحت منذ فترة طويلة بركة أبقار، والتي تتبدّى للأسف للمسافرين على طريق الوصول في اتّجاه موقع التزلّج.

רעיית צאן בחרמון - אחיק דורצין

بركة مان. تصوير د. أحيك دورتشين

تتحرّك الأبقار من حظائرها بحرّيّة وتصل إلى مرتفعات جبل الشيخ، إلى المواقع الأبعد في الارتفاع لأكثر من 2000 متر.

بالإضافة إلى رعي الأبقار، أقيم عدد لا يحصى من خلايا النحل في منطقة موقع التزلّج، بدءًا من منطقة بيع التذاكر ووحدة جبل الشيخ وحتّى جبل شاكيد بارتفاع يبلغ نحو 1900 متر. ومن هناك يشقّ نحل العسل طريقه بسهولة إلى جميع أنحاء المحميّة.

في إطار استطلاع النحل البرّيّ الذي أجريناه في ربيع عام 2019، شاهدت منحلة في جبل شاكيد بلغ عددها 48 خليّة نحل، في حين إنّه في ذروة النشاط تضمّ كلّ خليّة نحل 60 ألف عاملة من نحل العسل وبمجموع كلّي يبلغ حوالي 2880000. يتجاوز هذا العدد بكثير جميع الملقّحات الطبيعيّة التي قد تكون موجودة في موقع ما في الآن ذاته. أظهرت الحسابات الدقيقة أنّ كمّيّة غبار لقاح الأزهار البرّيّة التي تُجمع في خليّة نحل منفردة لمدّة ثلاثة أشهر في فصل الربيع تصل في المتوسّط إلى 10 كغم (وزن جاف). تكفي كمّيّة هذا غبار اللقاح هذه لإنتاج 110000 من أنسال النحل البرّيّ بحجم متوسّط. ومن ثمّ فإنّ منحلة كتلك التي شوهدت في جبل شاكيد تستغلّ 480 كغم من غبار اللقاح أزهار لمدة ثلاثة أشهر، وهي تكفي لإنتاج 5280000 نسل من النحل البرّيّ بحجم متوسّط. يستهلك نحل العسل وخلاياه الغذاء السريع المتاح للنحل البرّيّ في منطقة المحميّة، وهذا قد يؤدّي إلى انخفاض أعدادها وكذلك إبعاد محلّيّ لبعض الأنواع) أي اختفاء تلك الأنواع من المنطقة.

ازدادت كثافة خلايا النحل في محميّة جيل الشيخ بشكل كبير في السنوات الأخيرة (أتابع خلايا النحل منذ عام 2005) في أعقاب التكلفة العالية للعسل المنتَج في جبل الشيخ.

هناك من يدّعي أنّ رعي نحل العسل يوفّر خدمة هامّة للطبيعة بحيث إنّها تلقّح النباتات. هذا هو الوقت المناسب لتصويب هذه الحجّة: الملقّحات الطبيعيّة تلبّي احتياجات التلقيح للنباتات البرّيّة، لذا فإنّ الرعي المكثّف لنحل العسل لا يوفّر خدمة ضروريّة للطبيعة، بل إنّه يخلق ضررًا كبيرًا لمجموعات الملقّحات الطبيعيّة.

تعتبر حالة جبل الشيخ أحد الأمثلة لظاهرة واسعة لاستغلال موارد الطبيعة لأغراض تجاريّة إلى درجة تدمير المنظومة البيئيّة بأكملها. لغرض تغيير ذلك، يتعيّن علينا أن نعترف بفضل الطبيعة وإدراج الحفاظ عليها ضمن منظومة اعتباراتنا السياسيّة، الثقافيّة والتجاريّة.

قد يثير اهتمامك أيضًا

جميع الحقوق محفوظة لمتحف الطبيعة على اسم شتاينهارت
אזור תוכן, for shortcut key, press ALT + z
Silence is Golden