تعالَوا نتحدّث عن النمل الأبيض

النمل الأبيض الفورموزيّ (Coptotermes formosanus) يسمّى أيضًا النمل الأبيض الأعظم. كما هو الحال في أنواع النمل الأبيض الضارّة الأخرى، هو أيضًا يمكنه القضم والدخول عبر الخشب الحيّ والميّت، ولكنّه قادرٌ أيضًا على القضم عن طريق المنتجات الإنسانيّة المقاومة، مثل: البلاستيك، الشقوق الضيّقة في الباطون وبعض الطلاءات المعدنيّة. وقد حظي النمل الأبيض بلقب النمل الأبيض الأعظم بالأساس بفضل مستعمراته العظيمة التي يقيمها (في بعض الحالات حوالي 10 ملايين نملة). وتيرة تكاثره العالية وقدرته على البحث وإيجاد الغذاء على مسافة عشرات الأمتار من العش. إذًا ما هي قصّة هذا النمل الأبيض؟ وماذا نفعل إذا صادفناه؟

هناك أكثر من 3000 نوع من النمل الأبيض في أنحاء العالم، من بينها حوالي 12 نوعًا يعيش في إسرائيل. يمكننا العثور على النمل الأبيض في جميع القارات باستثناء القارّة القطبيّة الجنوبيّة (أنتاركتيكا)، ولكنّه يعيش بشكل أساسيّ في المناطق الاستوائيّة وشبه الاستوائيّة. يُعتبر النمل الأبيض حشرات اجتماعيّة، ولكنّه بعيد من حيث أصله عن الحشرات الاجتماعيّة الأخرى التي نعرفها، كالنمل والنحل. في المقابل، فإنّه قريب من حيث أصله للصراصير وهو ينتمي إلى المجموعة نفسها مثلها- فصيلة الصراصير. وهو يعيش في ما يسمّى “الكائنات الخارقة”- شكل من أشكال الحياة الذي لا تعمل فيه الأفراد لصالح نفسها، بل لصالح المجموعة.

يمكن أن يحتوي عش النمل الأبيض على أفراد قليلة من النمل وحتّى ملايين النمل. ثمّة مراتب مختلفة في مستعمرات النمل الأبيض، تختلف عن بعضها البعض في المظهر والوظيفة. يوجد في كلّ عشّ ملكة (واحدة أو أكثر)، يمكن أن يبلغ متوسّط عمرها المتوقّع عشرات السنين، وهي الوحيدة التي تتكاثر. يوجد ملك إلى جانب الملكة، أو عدّة ملوك، الذين يظلّون في العشّ بشكل دائم ويستمرّون في تخصيب الملكة في فترات زمنيّة منتظمة. المكانة الأكبر من حيث العدد هي العمّال. خلافًا للنمل، يمكن أن يكون النمل الأبيض العامل من الذكور وكذلك من الإناث. يبني العمّال المستعمرة ويقومون بصيانتها، يجمعون الغذاء، يُطعمون الأنسال والزوج الملكيّ ويعتنون بهم. بالإضافة إليهم هناك مكانة الجنود (الذكور فقط، الإناث فقط أو كلاهما معًا، هذا يتعلّق بنوع النمل الأبيض)، ويتجلّى نشاطها فقط في حالة أنّ هناك حاجة لحماية المستعمرة. ومقارنة بالعمّال ذوي المظهر اللطيف نسبيًّا، فلدى غالبيّة النمل الأبيض للجنود فكوك كبيرة وقويّة جدًّا. تستخدم في بعض الأحيان موادّ كيميائيّة في معاركها أيضًا، وهناك نماذج للجنود فكوكهم صغيرة ويتمثّل اختصاصهم الأساسيّ في رشّ المواد اللاذعة واللزجة.  ليس بوسع الجنود تناول الطعام بقواهم الذاتيّة، وهم بحاجة إلى مساعدة من العمّال لتغذيتهم. يخرج من المستعمرات البالغة والمستقرّة سنويًّا عددٌ كبير من الأفراد ذوي الأجنحة، الأمراء والأميرات، إلى رحلة التزاوج. القليل منها ما يحظى بترسيخ مكانته كملك وملكة جدد وإقامة مستعمرة جديدة. تضع الملكة في البداية عددًا قليلًا من البيض، ولكن مع نموّ المستعمرة وتطوّرها فإنّها تتحوّل إلى “آلة متطوّرة لوضع البيض”، قادرة على وضع 1000 بيضة يوميًّا وأكثر.

يبني النمل الأبيض مجموعة منوّعة من الأعشاش. هناك أنواع تبني أكوامًا كبيرة ومتقنة من التراب بمجموعة منوّعة ومثيرة للإعجاب من التكوينات المعماريّة. ويبنى البعض الآخر منه أعشاشًا كرويّة على الأشجار، توجد في داخل جذوع الأشجار الميّتة أو ببساطة في الأرض. الغذاء الرئيسيّ للنمل الأبيض هو السليولوز بأشكاله المختلفة، يتغذّى معظم الأنواع على الأشجار والنباتات الميّتة. تحتوي معدته على الكائنات الحية الدقيقة التعاونيّة، التي تساعده في تحليل السليولوز، ولذلك هناك دورٌ هامّ للنمل الأبيض في إعادة تدوير المادّة العضويّة في الطبيعة. عندما يكون مصدر السليولوز هو ممتلكات الإنسان، مثل، سقائف البناء، العتبات، العرائش، الأرضيّات الخشبيّة، الأثاث الخشبيّ والمنتجات الورقيّة بجميع أنواعها، ينشأ بالطبع الصراع بيننا وبين النمل الأبيض.

كيف نتعرّف على النمل الأبيض الفورموزيّ؟ وماذا علينا أن نفعل؟

يتمّ التعرّف على النمل الأبيض من قِبل الأشخاص ذوي الاختصاص. يعمل طاقم علم الحشرات للمجموعات الوطنيّة وفريق مختبر الحشرات للبيئة التطبيقيّة في متحف الطبيعة على اسم شتاينهارت بالتعاون مع وزارة حماية البيئة بغية العثور مواقع غزو النمل الأبيض الفورموزيّ. نحن في أمسّ الحاجة إلى مساعدتكم في ذلك: أنتم مدعوّون للإبلاغ عن كلّ اشتباه في النمل الأبيض، مع إرفاق الصور إذا وجدت (عنوان البريد الإلكترونيّ لقسم الآفات الزراعيّة في وزارة حماية البيئة: pestcontrol@sviva.gov.il).

من الصعب التمييز بين عمّال النمل الأبيض الفورموزيّ وعمّال الأنواع الأخرى من النمل الأبيض، ولكن الجنود والأفراد التي تتكاثر- الملك والملكة- من السهل أكثر التعرّف عليها: للجنود رؤوس بيضاوية ذات لون برتقاليّ-بنّيّ، والتي تختلف عن الرؤوس المستطيلة الشكل لمعظم أنواع النمل الأبيض. بالإضافة إلى ذلك، لديها تجويف بارز في مقدّمة الرأس، تفرز منه أحيانًا سائلًا أبيضَ لزجًا عندما تتعرّض للهجوم. تحمل في الجزء الأمامي من الرأس كمّاشات سوداء تشبه المنجل، يحوّلها الجنود أحيانًا إلى الشكل X.   الجسم أصفر-مائل إلى البياض وطوله نحو 6 ملم. الأفراد المجنّحة التي تخرج إلى رحلة التزاوج ذات جسم ذي لون أصفر-بنّيّ ولون رأسها بنّيّ- عسليّ. لديها زوج من العيون السوداء وزوجان من الأجنحة ذات أحجام متساوية.  طولها حوالي 12-15 ملم من الرأس وحتّى طرف الجناح. الأجنحة شفّافة، باستثناء شريانين سميكين في أطراف الجناح الأماميّ، مغطّاة بشعيرات صغيرة، ترى بسهولة عند تكبيرها وتعتبر سمة مميّزة بارزة.

ساعدَ في إعداد المقالة: د. داني سيمون وجلعاد بن-تسفي